كيف أعرف نفسي؟

أحببت أن أبدأ أول مقال على هذه المدونة بطرح موضوع معرفة النفس، بإعتباره أول أساس يجب الإشتغال عليه خلال رحلتك في مجال التنمية الذاتية.
فكيف أتحدث عن الثقة بالنفس أو تقدير الذات أو تحقيق الأحلام والطموحات إذا لم أكن أعرف نفسي حقا ؟ قد يتبادر إلى ذهنك أنه سؤال غريب، أنا طبعا أعرف نفسي ! حقا ؟

• إذن تعرفين ما تريدينه في هذه الحياة ؟

• لا تتأثرين بآراء الآخرين ؟

• تفهمين مشاعرك وتقلباتها؟

• تقديرك لذاتك عال جدا؟

• تعرفين محاسنك وعيوبك؟

• متصالحة مع نفسك؟

إذا كانت إجابتك بنعم على جميع هذه الأسئلة، فيسعدني أن تشاركينا أسرارك لمعرفة الذات، تحت في التعليقات, وأما إذا كانت إجابتك لا، فأدعوك لإتمام القراءة

ما معنى معرفة النفس؟

معرفة النفس ببساطة (ودون الدخول في مصطلحات فلسفية ههه) هو أن أدرك من أنا من خلال معرفة قيمي، إحتياجاتي، مشاعري، محاسني وعيوبي…

 أن أعرف نفسي  هو أن أعرف ما أريده وما لا أريده، دون أن أتأثر برأي الآخرين, هو أن أعيش بتوافق تام مع نفسي ومع من حولي

ما هي أهمية معرفة النفس ؟

أن تعرفي نفسك، فهذا هو الطريق الذي سيمكنك من الإستمتاع بأبسط الأمور في حياتك، وبالتالي تحقيق أهدافك وطموحاتك برؤيا واضحة، مهما قابلتك التحديات…
لكي تعرفي نفسك فلابد أن تعرفي قدراتك العظيمة التي وهبك الله إياها، وأن تتعرفي على جزءك المظلم أيضا، على عيوبك ولكن، بتصالح تام, هو أن تعيشي بمعنى الحرية حقا، متحررة من آراء الناس بك

كيف أعرف نفسي إذن؟

إذا أردت أن تعرفي نفسك فلابد من معرفة أصولك! أتحدث هنا عن معنى أعمق لكلمة أصول, قال الله تعالى : ” ونفخت فيه من روحي” روحك من روح الله. تخيلي التكريم الإلاهي , روح نقية، صافية، على الفطرة، إذا ما إتصلت بالمصدر، وهو خالق الكون، الله جلا وعلا. 

والحفاظ على تلك الصلة هو المعنى الحقيقي للإحسان، أن تبصري الله في كل صغيرة أو كبيرة في حياتك ” أن تعبد الله كأنك تراه “
أن تعرفي نفسك حقا هو أن تغوصي في الداخل، أن تفهمي لماذا ثرت غضبا على زوجك في ذلك الموقف ؟ لماذا رفعت صوتك على أختك ؟ لماذا هذا الشعور بالضيق في داخلك؟ لماذا تحمست لذلك الموضوع؟

وهذا هو بداية التحقيق الذاتي، المصالحة مع النفس والتقدير الذاتي…

رحلة معرفة الذات هي رحلة تجارب يومية، لأن النفس البشرية تعيش تغيرات وتحديات تكشف لنا شيئا فشيء عن أسرارها الداخلية

إليك أربع خطوات عملية تساعدك على معرفة ذاتك :

1_ تأملي نفسك

لتعرفي نفسك حقا لابد من أن تتقني دور المتأملة يعني أن تتأملي نفسك كأنك تتأملين شخصا آخر. وأن تبصري كل ما يأتي منك، من داخلك، أفكارك، ردود أفعالك، تصرفاتك… وصدقيني أن إنتباهك فقط لنفسك يوما بعد يوم، كفيل ليعرفك عن محاسنك وعيوبك من جهة ومن جهة أخرى، ستدركين الأمور البسيطة التي تسعدك أو تسوؤك أو تثير إنفعالك, تأملك لنفسك سيعينك على إصلاح أو تغيير ما لا تحبينه في نفسك. وبالتالي التقرب أكثر لنسختك المفضلة ♥️

2_ إطرحي الأسئلة الصحيحة

حكمة جميلة تقول :” إذا أردت الحصول على إجابات صحيحة، فاطرح الأسئلة الصحيحة ” يعني عوض أن تسألي نفسك لماذا حياة زميلتي أفضل من حياتي؟
أو لماذا حظي هكذا؟ أو لماذا لا أستطيع تحقيق أهدافي؟
إسألي نفسك ما الذي أريده؟ ما الأمر الأساسي الذي أريد أن يتغير في حياتي؟
وإعلمي أن حياتك بكل تفاصيلها، أحداثها وتحدياتها ما هي إلا مرآة لما هو راسخ في داخلك, مرة أخرى نعود للداخل، لأنه مهم أكثر مما تتخيلين. فأفكارك تتحكم في مشاعرك والتي بدورها تعطي أفعالا خارجية, إذن الحكمة هي ليست في الإنشغال بالأفعال الخارجية وإنما في فهم الأفكار التي قادتني لأتصرف بذلك التصرف. فالأفعال هي فقط مؤشر لما يدور داخلك !

3_ دوني أفكارك ومشاعرك

مبدأ أن تكون لك مذكرة تدونين فيه صراعاتك الداخلية وتشتت الأفكار هي بالنسبة لي مساوية لحصص العلاج عند مختص نفسي. بل قد تكون أعمق لأنه بينك وبين نفسك فقط، وصدقيني أنك ستندهشين لما ستكتبينه على مذكرتك، وستستطيعين التمييز بين أفكارك وما قد يفكر فيه الآخر ! مما سيعرفك أكثر عن نفسك ♥️

4_ أطلبي ممن حولك أن يذكروا لك محاسنك ( فقط محاسنك، وليس عيوبك في هذه المرحلة …)

كانت من أجمل التجارب التي شاركتها مع أهلي، ( ألو ماما، عندك 24h لتذكري لي مميزاتي ههه بنتي هل أنت بخير؟ ) طبعا سيستغربون من الأمر لكن صدقيني أنها ستكون من أحسن التجارب مع من تحبين، والمدهش أنك ستجدين مميزات تتكرر في وصف كل من زوجك مثلا، أو أخوتك، أو حتى أطفالك إذا كانو في سن يستطيعون التعبير عن أفكارهم.

ستمكنك هذه التجربة من معرفة نفسك أكثر، ففي أغلب الأحيان نحن نجهل الأثر الجميل الذي قد نتركه في من حولنا بكل عفوية 

أتمنى أنك ستتطبقين هذه الخطوات البسيطة والعميقة في نفس الوقت وأن تخبريني بما حصل معك ♥️
لا تترددي بالاتصال بي إن كان لديك أي سؤال سأسعد بإجابتك في أقرب وقت 

بكل الحب ♥️
زكية مؤسسة الإحسان للرقي بحيا